الحلقات: الأولى والثانية والثالثة بعنوان: أبو النظرية تشارلز داروين
- يقول عالِم اللغويَّات نعوم تشومسكي: "إنَّ تقدُّم أي أمَّة من الأمم يُقاسُ بمقدار فهمها لنظريَّة التطوُّر".
- ويقول عالم الأحياء الفرنسي الحائز على جائزة نوبل جاك مونو: "الغريب والطريف في نظرية التطوُّر هو أنّ كل أحد يعتقدُ أنه يفهمها".
- الحقيقة أن نظرية التطوُّر، رغم بساطتها وجمالها، هي من أكثر النظريات التي تعرضت لسوء الفهم والتشويه المُتعمّد.
- نظريَّة التطوُّر تعَدَّت كونها مُجرَّد نظريَّة إلى كونِها ثورة علميَّة حقيقية. بمعنى أن العالَم قبل داروين ليس نفسَهُ بعد داروين.
- إن العِلم بطبيعته هو التَّعميم، فهو يبدأ بفَرضيَّة وينتهي بالقانُون. والقانون يُعَمِّم.
- يقُولُ داروين عن والِدِهِ روبرت داروين أنَّهُ لم يكُن ذا عقليَّة تعميميَّة (علميَّة). ولم يكُن له إلا تعميم واحد أخبر بهِ ابنَهُ تشارلز. وهو: "إيَّاكَ يا بُنَيّ أن تتصادَقَ مع أيّ رجُل لا تَرى أنَّكَ مُضطر ومدفوع لاحترامِه". ويا لهُ من تعميم حكيم!
- لم يكُن روبرت داروين يحتسي الخمر طيلةَ حياتِهِ، وقد كانَ ابنُهُ تشارلز داروين مِثلَهُ.
- إن فِكرة تَحوُّل وتطوُّر الأنواع لم يبتدِعها داروين، بل هي فِكرة قديمة قال بِها فلاسفة أغارِقة. وأيضا قال بها فلاسفة مسلمون مِن أمثال إخوان الصَّفا وقد تحدَّثوا عنها بشكل مُعجِب. وكذلك قال بها ابن خلدون وله فيها اقتباس معروف وهو: "آخر أفُق التُّراب أوَّل أُفُق النَّبات. وآخر أفق النبات أوَّل أفق الحيوَان. وآخر أفق الحيوَان أوَّل أفق الإنسان" ثمَّ يضرب ابن خلدون مثالاً على آخر أفق الحيوان فيقول: "مثل: القرَدَة".
- منَ العَجيب أنَهُ كان مِن المُتَوَقَّع لداروين أن يكُون رجُل دين (قسّ) عظيم! فقد تنبَّأتَ بهذا جمعية ألمانيَّة حين راسلتهُ وطلبَت منه أن يبعث لها بصورته كي تتنبَّأ لهُ بمُستقبلِهِ بناءً على ملامِح وجهِهِ. وبعدما بعَث لها صورتَهُ عادت النتيجة بأنَّ "صاحب هذه الصورة عندهُ نتوء في جبهتِه يؤهلهُ لأن يكون بمثابة عشر قُسُس".
- الجميل في داروين أنَّهُ كان خالٍ تماما من أيّ ادّعاء زائف فيما يخُص نفسَهُ. فقد كانَ يعترِف بنقاط ضعفِهِ بسهولة، مثل ضعفه في الرياضيات وعدم امتلاكِهِ لسرعة البديهَة. وكان يعترف بأنه لا يُحبُّ المُناظرات لأنَّهُ لا يستطِيعُ أن يُتقِنها بسبب بُطئ استيعابه وبديهته!
- أحَبَّ داروين أستاذهُ عالِم النبات جون هِنسلو. وقد اتَّخذ هِنسلو من داروين صديقا لهُ، حتّى لُقِّبَ داروين فيما بعد ب"الرجُل الذي يَمشي مع هِنسلو"! وقد حَدَس هِنسلو بعبقريَّة داروين.
- مُناظرة أكسفورد (هكسلي ويلبرفورس): هي مناظرة حول نظرية التطوُّر جَرت بين صديق داروين المقرَّب توماس هنري هكسلي و الأسقف صموئيل ويلبرفورس. وقد كانت مناظرةً تاريخية أُفحِمَ فيها الأسقف ويلبرفورس على يد توماس هكسلي.
- القُبطان روبرت فيتزروي كان صاحب سفينة البيغل التي أقَلَّت داروين في الرِّحلة الشهيرة التي انتهى بناءً عليها إلى نظرية التطوُّر.
- فيتزروي كان حاضِراً في مناظرة أكسفورد بين هكسلي و ويلبرفورس، وكان يحمل الكتاب المقدس فوق رأسِهِ ويصيح: "الكتاب .. الكتاب .. الكتاب .. الكتاب"! فقد اختلَّ عقلهُ بسبب نقمتِه على نظرية التطوُّر وندمِهِ الشديد على اصطحاب داروين معه على ظهر سفينته. بعد المناظرة بخمس سنوات انتحَرَ القبطان فيتزروي.
- بعد انتهاء رحلتِه على متن البيغل، وفي سنة 1842 انتَقَلَ داروين من لندن إلى بلدة ريفية اسمها داون . ليبتعد عن الضجيج والمناظرات والانشغالات، ومكث فيها مدة أربعين سنة إلى أن مات سنة 1882.
- أكثر رجُل كان يلتقيه داروين هُو عالِم الجيولوجيا الكبير تشارلز لايل. وهو صاحب نظرية الت نمي، التي هي عكس نظرية الكوارث.
نظرية الكوارث تقول بأن التغيرات الجيولوجية سببها فقط الكوارث التي تحدث بشكل متقطِّع، مثل الزلازل والبراكين. أمَّا نظرية التنمي فتقول بأن التغيرات الجيولوجية تُسبِّبُها العوامل التي نراها الآن بأعيننا من رياح وأمطار على مدى زمانيَّة طويلة وبشكل منتظم (بنمط معين). بالإضافة إلى الكوارث من زلازل وبراكين.
طبعا جزئيَّة الزمانية الطويلة الممتدة لم تكُن في ذلك الحين مُتوقَّعة، لأن عُمر الأرض حينها كان يُعتَبَر بحدود 6000 سنة فقط !
- يقول هكسلي أنَّهُ علينا أن نعترف بأنَّ لايل له الفضل الكبير في ظهور نظرية التطوُّر. لأنَّهُ نقضَ خُرافة أنَّ عُمر الأرض 6000 سنة فقط، وأضاف جزئيَّة الزمانيَّة الطويلة والتدُّرج في التغيير التي تُعتَبَر العمود الفقري لنظرية التطور.
- من الأشخاص الذينَ اتَّصَلَ بهِم داروين كان الكاتب الإسكتلندي توماس كارلايل، وهو الذي ألَّف كتابا عن البطولة والأبطال وقد خصَّصَ فيه فصلاً كاملاً عن البَطَل نبيّا،ً وتحدَّث فيه عن النبيّ مُحَمَّد عليه الصلاة والسلام بكلام مُنصِف وجميل.
- ولكنَّ الجانب الكريه لكارلايل كان في أنَّهُ كان داعما للاستعمار والاستعباد، وهو ما وَجَدَهُ داروين مُقزّزاً.
- لذلك وبسبب الحساسية الأخلاقية والنُّبل الأخلاقي عند داروين، فإنَّهُ بريء تماما من كل التضمينات الاجتماعية والفلسفية لنظريتِهِ، مثل: نظرية الداروينية الاجتماعية. وبشكل عام فإنَّ القرن التاسع عشر كان قرن النظريات العنصرية بامتياز!
- كارلايل، كما قال عنه داروين، كان يسخر من كُلّ الناس وينتقد كُلّ أحَد.
- بعد وفاة كارلايل نشَرَت زوجَتُهُ مذكّرات اعترفت فيها أن زوجها كانَ في الحقيقية عِنِّينا )عاجزاً جنسيا(ً. وربما كان هذا سبب مرارته وسخريته وإمعانه ومبالغتٌه في الحديث عن البطولة الفردية وعبادة البطولة.
- أفاد داروين أنَّ مزاجهُ الأدبي والفني في آخر عشرين إلى ثلاثين سنة من حياته تراجَعَ وانحرَفَ بشكل كبير.
- يقول ابنهُ فرانسيس أنَّ أباهُ داروين كانَ دائمَ اللوعَة والتحسُّر في آخر حياته على ما اعترى مزاجهُ الأدبي والفني من انحراف.
- أوصى داروين من يمرُّون بمثل حالتِهِ بأن يعطُوا أنفسَهُم نصيبا من الأعمال الأدبية والفنية ولو مرّة في الأسبوع.
- لم يكُن داروين يوَقِّر الكُتُب! بل كان يراها مادة استعمالية عملية. فكان إذا اشترى كتابا كبيراً يقوم بتمزيقِهِ (تقسيمِهِ) إلى أجزاء حتّى يسهُل حملُهُ! وكما تقُولُ ابنتُهُ، فقد كان يفتخرُ دائما بأنَّهُ هو الذي أقنَعَ لايل بطباعة أحد كُتُبِهِ على جُزئين كي يسهُلَ حملُهُ واستعمالُهُ!
- أما الكُتيبات الصغيرة، فقد كان داروين يمزّقُ منها الصفحات التي لا يحتاجُها ويُلقيها في القُمامة! لماذا؟ حتَّى تتوفَّرَ مساحة في مكتبتِهِ لتخزين المزيد من الكُتُب!
- رُزِقَ داروين بعشرة أولاد، وفًجِعَ في ثلاثة منهُم.
- أشدّ ما فُجِعَ به داروين كان وفاة ابنتهِ الصغيرة آني عن عُمر 10 سنوات.
- قال هَكسلي عِندما تمَّ تدشين تِمثال لتشارلز داروين في المتحف الملَكي للتاريخ الطبيعي: "لا أطلبُ منكُم قبول هذا التمثال تكريما لذِكرى داروين فق ، ولا مِن أجلِ الإشارة إلى التسليمِ الكامِل بصِحَّة نظريتِه، فإنَّ العِلم إن سلَّمَ بهذا فقد آذَنَ بانتحارِهِ. ولكن نحنُ نضَعُ هذا التمثال من أجلِ أن نُقيمَ مثَلاً لطُلاب العِلم في كل مكان على أمثولةٍ حقيقية للعالِم"
لمحَة عن كِتاب: نشأة الإنسان والانتقاء الجنسي
الانتخاب الجنسي: هو انتخاب (انتقاء) تقومُ بها الحيوانات نفسها، وهو عكس الانتخاب الطبيعي العشوائي، كما أنه يتجسَّد في شكلَين:
1. الشكل الأوَّل: صراع الذُّكور على الإناث. مثل صراع الوعول الذكور على أنثى الوعل )الظبية(. هنا يحدُث صِدام وصراع تستخدِم فيه الوعول قرونها. بالتالي فإن الوعل قويّ القرن هو الذي يظفر ويفوز بالأنثى. وهكذا بعد أجيال ستبقى دائما الوعول ذات القرون الكبيرة القوية.
2. الشكل الثاني: انتقاء الأنثى للذكر. مثل حالة الطاووس. فإنَّ أنثى الطاووس تُفَضِّل الذكر صاحب الريش الأكبر والأكثف والأجمل. لذلك بعد أجيال سيبقى دائما الطاووس الأكبر ريش ا،ً أما الأصغر ريشا فيكون مصيره الفناء.
مشاهدة الحلقات كاملة