باقى من الوقت

الإيمان ورحمة الله في خلق أعضاء الجسم.

الإيمان ورحمة الله في خلق أعضاء الجسم.

ولنتّخِذ نموذجًا واحدًا من رحمات الله في خلق أعضاء الجسم ...وهو اللّهاة، فهل أدرك المسلم أن لسان المزمار المعلّق في اللّهاة داخل فمه يمنع الماء والطعام من الدخول إلى الرئتين.
وهو يمنع انزلاق لُعاب فمك أيضاً من الدخول؟، ولو دخل الطعام أو الشراب أو اللعاب لفقد الإنسان الحياة، أليست هذه الأمور رحمة تتنزل عليك من الرحمن الرحيم وتعتمل فيك بلا جهد منك؟؟.
فمتى يوقن العبد بمراقبة الله له؟ وحمايته له،.... إنها مراقبة جدّية صارمة ودقيقة، ولكنها في لُطف وخفّة.

* إن الإيمان الذي لا يحملك على طاعة الله لا قيمة له.
* والإيمان باليوم الآخر الذي لا يحملك على الامتناع عن المعاصي لا فائدة منه.
* إن الإيمان بالله دوائر متداخلة، فكلما كانت مرتبتُك الإيمانية مُركَّزةً في الدائرة المركزية كلما كان ذلك أوثق لنجاتك، وكلما كان إيمانك في دائرة خارجية كلما حوسبت حسابًا يسيرًا، فإذا كان في الدائرة التي قبلها كان حسابك أشد، وهكذا.

* فلابد من استحضار العبد اليقين الإيماني الدّائم والمستمر بربه.
* ولا بد من مقاومة آفة نسيان العبد ميثاقه مع الله.
* ولا بد من اليقين بأننا نعيش على كوكب، كلُّ ما فيه يُسجّل علينا حركاتنا، وسكناتنا وأقوالنا، والله من فوق الجميع يعلم السر وأخفى، ويعلم ما في أنفسكم فاحذروه.

فكلما كان حذرك دائمًا، ويقظتك مستمرة لخطوات ووساوس الشيطان، كنت من أصحاب النَّجاة.
لذلك فإن أمر الله لنا:- {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ }محمد19؛
من الأسس والدعائم التي يجب تدعيمها يوميًا، فكلما كان عِلمُك وصلتك بالله أوثق كلما كان لإيمانك ثمرة أكبر، فالله يقول:-
{الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ }الرعد29؛ فهو يستحثنا ـ وبذات الترتيب الوارد في الآية ـ للإيمان، ثم عمل الصالحات بعد الإيمان الحقيقي الذي يفوح ثمره على صاحبه ومن حوله.

ويعصي العبد المؤمن ربّه بقدر بُعد إيمانه عن اليقين، ويبتعد العبد عن المعاصي بقدر إيمانه بربه، فالإيمان والمعصية على علاقة عكسية، فكلما زاد الأول ذبُل الآخر، وكلما قوىَ الآخر ذبُل الأول.

والإيمان لا يورَّث بل لابد أن يقيم العبد حقيقته الإيمانية الخاصّة به بنفسه، كما فعل ذلك نبي الله إبراهيم، على أن تكون تلك الحقيقة مطابقة لما جاء بنصوص كتاب الله وسُنَّة رسوله ، ولا أرى في إيمان المقلّدين إلا أنه إيمان ذليل، لا ينبُع من قلبٍ سليم، ولا يصادفه عقل قويم.

وإيمان المقلّدين هو سبب انتشار المعاصي وتفشّيها، وسبب انعدام الإخلاص في ممارسة الحياة بكل دروبها وصنوفها.
والصلاة والصوم والزكاة والحج ليست من دلائل الإيمان، لكنها بعض من وسائل نُموِّه في قلب العبد المسلم، إذ إن الإيمان يجب أن يكون قبل أداء تلك الشعائر، بل يسبقها في قلب العبد ودوائر اهتمامه..

لذلك فهي وسائل واجبة وليست أهداف يتصور من قام بها أنه قد وصل إلى المنتهى...فالصلاة تمنعك عن الفحشاء والمنكر.....والصيام يدفعك للتقوى... والصدقة تنمي فيك نوازع الخير... والحج يجمع عليك هذا كله..لكن لابد من اليقين الإيماني قبل أداء تلك الفرائض.

فالله الله في نفسك فكن قريبا من الله لأنه منك قريب جدا [ونحن أقرب إليه من حبل الوريد] لكنه منحك حرية الحركة والإرادة فكن طوع رضوانه وليستح كل منا من خالقه ولتبكي على خطيئتك.... فذلك البكاء وإبداء الندم مع التوبة هم غراس لِجَنّة تنتظرك عرضها كعرض السماوات والأرض أعدت للذين آمنوا بالله ورسله إيمان بيقين وليس إيمان المقلدين...

عن المدون

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

أرشيف المدونة