باقى من الوقت

معرفة الله

معرفة الله

كل الجهل والحروب والأحقاد والكراهية والفقر والتخلف وكل التظالم البشري هو نتيجة من نتائج الجهل بالله. لو عرف الناس الله حق معرفته لما تظالموا ولا تباغضوا ولا سفك بعضهم دماء بعض، ليس هذا كلاما إنشائيا، ولكن أثبات هذا صعب أيضاً. لأن الإثبات يحتاج لدراسة كل حالات التظالم والحروب والتخلف الخ ، وهذا صعب بل مستحيل. 

لكنك تستطيع بحث حالات خاصة من الحروب أو المظالم، وتنتقي أكثرها وضوحا، كعينات على دراسة الأسباب وستكتشف أنها نتيجة للجهل بالله. فإذا خرجت لك نتيجة الحرب الفلانية أو المظلمة الفلانية أو الجهل الكذائي بأنه نتيجة لسوء المعرفة بالله، فأضف دراسة حالات أخرى.

فإذا أنهيت دراسة عدد من العينات الممثلة ووجدت أسبابها تتوحد في أسباب معينة ثم درست تلك الأسباب ستجدها فرع من الجهل بالله. وحتى نقرب الموضوع نقول: لماذا يظلم الإنسان؟ لماذا يقتل الأبرياء؟ لماذا يسرق بلا مجاعة؟... الخ، ستجد كل هذا من فروع الجهل بالله!

إن معرفة الله حق المعرفة كانت محل استهداف دائم لمن له مصلحة في تدمير هذه المعرفة وتشويهها. والذين يلجؤون لتشويه معرفة الله هم مبرمجون من سلف لهم لجؤوا إلى تدمير وتشويه هذه المعرفة لأنها تحول بينهم وبين ما يشتهون. وذلك السلف الذي شوه معرفة الله هو يتبع سلف آخر لهم الأهداف نفسها وهكذا تتابع السلسلة إلى أن تصل لمستفيد أول هو إبليس.

وهنا تأتي الأسئلة التي يطرحها كل شخص على نفسه ويخشى من البوح بها ظنا منه بأنها بلا إجابات! مثل: ولماذا خلق الله إبليس أصلا؟ هنا لو واصل الأنسان الأسئلة لوضع يده علئ أول المعرفة لكن الشيطان نفسه يأتيه في هيئة ناصح قائلا: توقف هذه أسئلة شيطانية وقد تكفر الخ !

وبهذا التوقف المفاجئ للأسئلة يستطيع الشيطان من صناعة العقول البليدة التي تكره المعرفة وتتوجس من الأسئلة وتتعامى عن الحقيقة. وفي الجانب الآخر يصنع الشيطان عقولا أخرئ لا تراعي أخلاق المعرفة في البحث عن الحقيقة وإنما يدفعها للتمرد العبثي والتبلد المضاد! وهنا يتجمع المتبلدون في الجهتين وكل فئة تجمع لبلادتها الأدلة والبراهين هنا يقف الشيطان فوق تل؛ ويتفرج على المعركة!

ويبدأ كل فريق في حشد البراهين والأعوان وأصناف الأسلحة ولو أن الفريقين اتفقا على مواصلة الأسئلة وفق معيار أخلاقي، وأخلاقي فقط. فلن ينال الإنسان معرفة الله بمعيار غير أخلاقي والمعيار الأخلاقي ليس سوى الإخلاص في البحث عن الحقيقة وإذابة الأنانية والذاتية. والمعيار الأخلاقي نعني به الإخلاص في البحث عن الحقيقة؛ تماما كما يفعل الباحث في العلوم التجريبية؛ إذ يكون محكوما بالمعلومة.

إذاً فمن أتى بأحكام مسبقة، أو بكبر، أو انتفاخ الذاتي على حساب الموضوعي؛ يكون قد فشل في السير على منهج أخلاقي موفر للمعرفة. وأغلب الإلحاد الذي يجتاح كثيرا من الشباب السعودي اليوم هو نتيجة لفشل السلفية في تقديم منهج معرفي مقنع يعطي الحرية والمعرفة.

ولذلك فكثير من حالات الإلحاد تحدث نتيجة فكرة غامضة ولا يستطيع الشاب فهمها؛ فيسأل ولا يجد مجيبا؛ فيظن أن الواقع هو الدين. الواقع الفكري يعرض الله عرضا مشوها وكأنهم يريدون من الشخص أن يحب الله ويكرهه في آن معاً! أو يحبه نفاقا ويعترض عليه باطناً.

وبعض الشباب اكتسبوا الكبر والانتفاخ من المجتمع فأصبح يطلب من الهداية أن تأتيه ولا يأتيها! وكأن الله بحاجة إليه! فحاله يشبه حال من قرأ كتابا رائعا لكنه وجد سطرين غامضين فذم المؤلف وكفر بما في الكتاب نتيجة سطرين لم يفهمهما!

عن المدون

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

أرشيف المدونة